القذف والسبب في القانون المغربي
بقلم الطالب الباحث امحمد أحشاش
طالب باحث بسلك ماستر قانون المنازعات بالراشدية
الكثير من المواطنون المغاربة ليسوا على دراية بنصوص القانون، وإن كان القانون في جوهر قواعده أنه يأخد بالطابع الإجتماعي الذي يبرر رفض طلب الدفع بجهل بالقانون ، كون القانون لا يعذرأحد بجهله مما يجعلون عرضة للكثير من المشاكل في حياتهم اليومية والتي هي مرشحة أن تتزايد مادام الجهل يسود ،ومادام لا يدركون خطورة الأفعال والأقوال التي تصدر عنهم دون حسبان لقيمتها القانونية .
ولعل ما يظهر أكثر عواقب الجهل بالقانون ،أنه دائما ما يفضي إلى نتائج لا ترضي الفاعل المخالف لها بحسن أو بسوء نية ،ولنا في الوسط الاجتماعي ما يجسد ذلك ،هذا الوسط الذي يعرف مشاحنات يومية بين المواطنين بعضهم بالبعض لأسباب عدة ،والتي قد تتطور إلى حد السب والقدف والإهانة ، والبعض لا يعرف أن القانون والقضاء يعاقب على متل هاته الأقوال والأعمال الحاطة بكرامة الانسان والاعتبار الشخصي للأفراد ، والتي قد تصل عقوبتها الى الغرامة والحبس والسجن أحيانا حسب الظروف والأحوال المحاطة بجريمتي السب والقدف .
ويعتبر السب والقدف من الأفعال المحضورة بمقتضى نصوص القانون الجنائي المغربي وبموجب نصوص خاصة أيضا ،التي تستوجب تنزيل العقاب على كل من سولت نفسه أن يقترفها ،ومن تم إحقاق الحق للمتعرض لها.
فالمشرع المغربي كغيره من التشريعات ،آولى عناية خاصة بمثل هذه الجرائم التي تنصب على نفسية الضحية التي تعكر مزاجه ونحط من قيمته وكرامته، حيت أنه خصص الفرع الخامس من الباب السابع من مجموعة القانون الجنائي الذي عنونه بجرائم الإعتداء على الشرف والاعتبار الشخصي .
وتعد جريمة السب والقذف أكتر الجرائم الماسة بالشرف والاعتبار الشخصي للإنسان ،لذلك حرص المشرع المغربي على توفير حماية قانونية للأشخاص المعرضين لصنف هذه الجرائم ،وإن كانت تبدو عند البعض الذين يكون سلوكهم غير قويم مجرد أفعال عادية لا تستوجب العقاب .
ومن أجل ذلك نص المشرع في الفصل 442و443 من القانون الجنائي على عقاب كل من سب أوقذف شخصا أو هيئة من هيئات الدولة ،مبرزا الفرق الحاصل بين الجريمتين لكونهما تتداخلان أكتر حتى صار البعض يعتبرهما أفعال موحدة لا فرق بينهما .
ومن أجل ذلك نرصد الفرق الحاصل بين الفعلين ،فجريمة القذف حسب منطوق الفصل 442 مقرونة بادعاء واقعة أو نسبتها الى شخص أو هيئة إذا كانت هذه الواقعة تمس بشرف أو اعتبار الشخصي أو الهيئة التي نسب إليه،في حين أن جريمة السب كما هي مبينة في القانون الجنائي أنها تعبير شائن أو عبارة تحقيرية أو قدح لا تتضمن نسبة أية واقعة معينة .
وبالتالي فالفرق يحصل في الشروط التي إستوجلها القانون لإكمال الوصف الجرمي لأفعال السب والقذف ،فجربمة القذف لا تكتمل في وصفها إلا إذا توفر شرطين أساسيين الأول يتعلق بوجوب وجود واقعة يدعيها أو ينسبها شخص لآخر أو لهيئة من هيئات الدولة ،والثاني أن تكون هذه الواقعة تمس بالشرف والاعتبار الشخصي .أما عن جريمة السب فهي تتحقق بأقوال موجهة لشخص في ذاته أو لشخص مقرب اليه تتضمن أقوال شائنة وقدح أو عبارة تحقيرية تحط بكرمته وتنال من شرفه .
ويختلف السب عن القذف أيضا في كونه ينقسم إلى قسمين ،فإما أن يتخد شكل علني، في هذه الحالة يعاقب عليه وفقا للظهير رقم 1 58,3378 المؤرخ في 15نونبر 1958المعتبر بمثابة قانون الصحافة ،وإما أن يكون غير علني وفي هذه الحالة يرجع اختصاص البت في النزاع لقسم قضاء القرب وتطبيق أحكام القانون المتعلق بهذا القسم الذي يحمل رقم 42.10 ،لكون فعل السب في هذه الحالة يعد مخالفة بسيطة حسب مفهوم المادة 16من قانون قضاء القرب التي عاقبت على جريمة السب بغرامة تتراوح بين 300 درهم الى 700 ، بعدما كان العقاب قبل صدور قانون قضاء القرب ينحصر في غرامة لا تتجاوز 100 درهم،لكن دون أن ننسى أن الضحية قد يطالب بالتعويضات المدنية التي قد تكون أكبر من الغرامة .لكن دون أن ننسى أن الضحية قد يطالب بالتعويضات المدنية التي قد تكون أكبر من الغرامة .