قراءة في قانون 12.66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء
(الجزء الأول)
من إنجاز الدكتور والباحث في الشؤون القانونية " وائل العياط "
مقدمة
إن مجال التعمير مجال شاسع ترتبط به مختلف القطاعات، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما تتدخل فيع العديد من الأجهزة، من سلطات محلية وهيآة منتخبة وسلطات قضائية، فنجده قطاعا منظما عبر مجموعة من القوانين الخاصة كما هو الحال بالنسبة لقانون 12.90 المتعلق بالتعمير وقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وقواعد أخرى عامة من أهمها القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات والمقاطعات، والذي يبين بوضوح اختصاصات الجماعات الحضرية والقروية في مجال التعمير، وكذا القانون الجنائي[1]، وقانون المسطرة الجنائية[2]عبر مختلف نصوصه الموضوعية منها والإجرائية التي تسهل عملية التدخل القضائي بهذا الميدان.
لكن يبقى أهم نص قانوني ينظم مجال التعمير من حيث الضوابط التي حددتها قوانين التعمير أعلاه، نجد قانون 66.12المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، والذي يعتبر من مستجدات القوانين التي تهتم بمجال التعمير خصوصا في الشق المرتبط بزجر المخالفات التي يعرفها هذا القطاع، وفي قراءة متأنية في مقتضياته نجد على أن المشرع حاول وضع عدة آليات ووسائل وإجراءات يتم من خلالها ضبط كل المخالفات والخروقات القانونية في مجال البناء والتعمير، مع تحديد الجهات المكلفة بضبطها ومتابعتها، والمسطرة المعتمدة في ذلك، كما أن المشرع خصص لكل المخالفات عقوبات يختلف نوعها، تصل لحد سن عقوبات مالية وأخرى سالبة للحرية.
وهذا ما يجعلنا نطرح التساؤل حول أهم مستجدات قانون 66.12 ؟ وما هي الخطوط العريضة التي جاء بها، والضمانات التي وضعها من أجل الحد من الخروقات بمجال التعمير والبناء؟
ومحاولة منا في هذه القراءة السريعة لقانون 66.12 ونظرا لأهميته، أن نتطرق في هذا الجزء للطبيعة القانونية التي يمكن إعطائها لمخالفات التعمير في نطاق هذا النص، والمسطرة القانونية التي يتم من خلالها ضبط هذه المخالفات.
المطلب الأول: الطبيعة القانونية لمخالفات التعمير.
المطلب الثاني: مسطرة ضبط مخالفات التعمير بين قانون 12.90 المتعلق بالتعمير وقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
المطلب الأول: الطبيعة القانونية لمخالفات التعمير
يمكن تحديد الطبيعة القانونية لجرائم البناء والتعمير المنصوص عليها في قانون 12.66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، وذلك من خلال دراسة مجموعة من الخصائص التي يتميز بها هذا النوع من الجرائم، كونها من الجرائم المتتالية (الفقرة الأولى)، بالإضافة أنها من الجرائم المبنية على شكوى (الفقرة الثانية)، كذلك بأنها من صنف الجرائم الشكلية (الفقرة الثالثة)، وتتسم بخاصية عدم اشتراط الركن المعنوي لقيامها (الفقرة الرابعة).
الفقرة الأولى: جرائم التعمير من صنف الجرائم المتتالية
كما هو معلوم فإن الجرائم عادة تنقسم إلى جرائم وقتية وجرائم مستمرة، تبعا للوضع الذي يتخذه الركن المادي من حيث التوقيت أو الاستمرار.
وجرائم التعمير ومن ضمنها جريمة البناء بدون رخصة تعتبر من الجرائم المستمرة المتتابعة أو المتتالية الأفعال، ذلك أن هذه الجرائم وإن استغرقت زمنا طويلا إلا أن الركن المعنوي فيها لا يمتد خلال الزمن[3].
ويترتب على اعتبار جرائم التعمير من الجرائم المستمرة أمران هما:
1- احتساب التقادم
يكون من يوم وقوع الجريمة سواء علم بها أم لم يعلم ولا يتم احتساب اليوم الذي وقعت فيه الجريمة ضمن مدة التقادم، وإنما تبدأ من اليوم الموالي لوقوعها، وهو تاريخ تمامها وتكامل عناصرها مجتمعة، وتمام الفعل في جرائم التعمير يكون هو تاريخ ارتكاب آخر فعل من أفعال التتابع[4].
2- أثر قوة الشيء المقضي به.
في جريمة البناء بدون رخصة وغيره من جرائم التعمير يكون جزاء لكافة أفعال التتابع ويقبل الدفع بسبقية البت فيها كما أن الحكم البات لا تمتد حجيته إلى الأفعال اللاحقة على صدوره ولو كانت امتداد لها[5].
وفي هذا الصدد نجد حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بفاس في قضية انهيار عمارة تتكون من خمس طوابق بالمنطقة الثانية بفاس بتاريخ 08 دجنبر 1999، والتي أسفرت وفاة حوالي 46 شخصا وإصابة 42 آخرين بجروح.
رغم اعتراف المتهم بأنه بتشييد العمارة دون مراعاة الضوابط القانونية والتقنية إلا أن هذه الأفعال قام بها منذ سنة 1986 وإلى غاية سنة 1988 وحادثة الانهيار لم تقع إلا سنة 1999، وقد طالب دفاع الظنين بسقوط الدعوى العمومية سواء فيما يتعلق بجنحة البناء بدون رخصة أوالجرح أو القتل الخطأ، وقد صرحت المحكمة المذكورة بسقوط الدعوى العمومية للتقادم فيما يتعلق بجريمة البناء بدون ترخيص لسقوطها بالتقادم، في حين أخذت المتهم من أجل جنحة الجرح والقتل الخطأ وإدانته من أجل المنسوب إليه[6].
الفقرة الثانية : جرائم التعمير من الجرائم المبنية على شكوى
تعتبر جرائم التعمير من الجرائم المعلقة على تقديم شكوى من طرف نفس الجهة الموكول إليها قانونا هذه الصلاحية، وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 66 من قانون 66.12 المعدل لقانون12.90 نجدها من بين ما تنص عليه "يزاول المراقب مهامه من تلقاء نفسه او بطلب من السلطة الإدارية المحلية او من رئيس المجلس الجماعي او من مدير الوكالة الحضرية، بناء على ابلاغ بالمخالفة من طرف الأعوان التابعين لهم المكلفين بهذه المهمة او بناء على طلب كل شخص تقدم بشكاية.
يمكن لضابط الشرطة القضائية او المراقب معاينة المخالفة المرتكبة داخل المحلات المعتمرة بناء على إدن كتابي للنيابة العامة المختصة وذلك داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أيام،يقوم المراقب الذي عاين مخالفة من المخالفات المشار اليها في المادة 64من قانون 66.12 بتحرير محضر بذلك طبقا لأحكام المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية يوجه اصله الى وكيل الملك في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ معاينة المخالفة مرفقا بنسختين منه مشهود بمطابقتهما للأصل وكذا بجميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالمخالفات".
الفقرة الثالثة: جرائم التعمير من صنف الجرائم الشكلية
تنقسم الجرائم إلى جرائم شكلية وجرائم نتيجة، فأما جرائم الشكل فهي التي تستكمل شروط قيامها بمجرد اقتراف فعلها المادي، ودون حاجة إلى حصوله نتيجة سلبية في جانب المجني عليه، أما جرائم النتيجة أو جرائم الضرر فهي التي يشترط المشرع لقيامها استكمال عنصرالنتيجة كركن ينضاف إلى عنصري العلاقة السببية والفعل المادي[7].
وتعتبر جرائم التعمير من صنف الجرائم الشكلية التي لا يشترط لقيامها حصول عنصر النتيجة.
الفقرة الرابعة: جرائم التعمير من الجرائم التي لا يشترط فيها الركن المعنوي
إن الركن المعنوي هو مناط إعمال أحكام المسؤولية الجنائية فيكون الجرم إما متعمد أو غير متعمد. فالركن المعنوي هو ذلك النشاط الذهني الذي يصدر عن الجاني ويتخذ مظهرا خارجيا ويتدخل القانون بتقرير العقاب لكونه يتم عن إرادة آثمة.[8]
والمشرع المغربي اعتمد نظرية المذهب الموضوعي في تجريم البناء بدون ترخيص والجرائم الملحقة بها، بحيث يصبح القصد الجنائي في مثل هذه الجرائم مفترضا، ويكون العقاب في ظل هذا الاتجاه مبنيا على نظام عقلاني للضبط الاجتماعي يغفل الحالة الذهنية التي كان عليها المخالف وقت ارتكاب الجريمة، فبمجرد التحقق من قيام عناصر جريمة البناء بدون ترخيص يكفي لإخضاع مرتكبها للتدابير الزجرية دون النظر إلى الركن المعنوي لها[9].
لكن هناك من يذهب خلاف ذلك[10]، حيث يجب أن تنصرف إرادة المتهم إلى وضع عناصر الجريمة، فإذا انتفى لدى المتهم أحد عنصري القصد الجنائي (العلم والإرادة) انعدام الركن المعنوي للجريمة وبالتالي لن تقوم الجريمة في حقه إذ يجوز للمخالف أن يدفع بانتقاء علمه باستلزام القانون استصدار ترخيص بتلك الأعمال وأن يدفع بانتفاء علة انطباق وصف البناء على ما قام به من أعمال[11].
ونرى أن هذا الرأي رأي مردود عليه على اعتبار أنه يتنافى مع القاعدة القانونية "لا يعذر أحد بجهله للقانون"[12]، وبالتالي تجب مسؤوليته سواء علم بذلك أم لا خاصة في مجال البناء.
المطلب الثاني: مسطرة ضبط مخالفات التعمير بين قانون 12.90 المتعلق بالتعمير وقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات
مما لا شك فيه أن مجال التعمير بالمغرب هو مجال مهم، ولا يمكن الحديث عن نسق عمراني منظم يرقى للمستوى المطلوب إلا بوجود قواعد مضبوطة تنظمه، وذلك بمقتضى قوانين التي تضع محددات هذا المجال وأساليب الضبط التي منحها المشرع للجهات المعنية لدرء أي خروج عن هذه القواعد، وبذلك نجد قانون 66.12 قد حدد لنا مسطرة ضبط المخالفات المرتبطة بمجال التعميروالبناء على مستوى قانون 12.90 المتعلق بالتعمير (الفقرة الأولى) وكذلك قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مسطرة ضبط المخالفات وفق قانون 12.90 المتعلق بالتعمير
تعتبر مسطرة ضبط مخالفات التعمير من خلال القانون 12.90 مسطرة إدارية، تبتدئ بضبط مخالفات التعمير من قبل الأعوان المكلفين بذلك، فضبط هذه المخالفات يكون إما بناء على زيارات ميدانية تقوم على المعاينة المباشرة وفي عين المكان من قبل العون المكلف بذلك إذ يقف على واقعة إنجاز الأشغال، وقد يكون ضبط هذه المخالفات استنادا إلى شكاية المتضرر المجاور للبناء.
وبعد ذلك ينتقل العون المكلف بضبط المخالفة إلى تحرير محضر المعاينة طبقا لأحكام المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية، ويوجه أصله إلى وكيل الملك في أجل أقصاه 3 أيام من تاريخ معاينة المخالفة مرفقا بنسختين منه، مشهود بمطابقتها للأصل وكذا بجميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالمخالفة، كما توجه نسخة من محضر معاينة المخالفة إلى كل من[13]:
· السلطة الإدارية المحلية
· ورئيس المجلس الجماعي
· ومدير الوكالة الحضرية وكذا إلى المخالف.
إذن من خلال مقتضيات المادة 66 من قانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر مخالفات التعمير والبناء يضح لنا أن ضبط المخالفة لن يكون إلا بواسطة محضر كتابي مما يجعلنا نستبعد من أن يكون محضر المعاينة شفويا،.إذ يعتبر هذا المحضر بمثابة وثيقة إثبات أمام القضاء عندما يعرض النزاع أمامه ما لم يتم إجراء خبرة مضادة[14].
والملاحظ أن ما يقوم به رئيس المجلس الجماعي الذي وقعت المخالفة في دائرة نفوذه وبالطبع بعد توصله بمحضر المعاينة من قبل العون المكلف قانونا بذلك، يقوم بفحص المحضر بالوقوف على نوع المخالفة المرتكبة وتقدير جسامتها، من خلال عملية التكييف التي يقوم بها ليصل إلى مدى فاعلية المخالفة ويحدد مدى خطورتها وهل من الممكن تداركها أم لا؟، أو هل هي من المخالفات الخطيرة؟ ونتائج التكيف هي التي تحدد المسطرة التي يجب إتباعها[15].
فإذا كانت المخالفة بسيطة ويمكن تداركها فإن المسطرة تتخذ الشكل التالي[16]:
- يتخذ المراقب مباشرة بعد معاينة المخالفة أمرا بإيقاف الأشغال في الحال إذا كانت أشغال البناء المكونة للمخالفة ما زالت في طور الانجاز.
- أما إذا لم ينفذ المخالف الأمر المبلغ إليه بإيقاف الأشغال في الحال يمكن للمراقب، حجز المعدات والأدوات ومواد البناء وكذا إغلاق الورش ووضع الأختام عليه، ويحرر محضرا تفصيليا بذلك، يوجهه إلى وكيل الملك.
وبالرجوع إلى نص المادة 68 من القانون الجديد 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، نجد أنه عند صدور عن المراقب الذي عاين المخالفة أمرا إلى المخالف باتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة في أجل لا يمكن أن يقل عن 10 أيام ولا يتجاوز شهرا واحدا إذا كانت الأفعال المكونة للمخالفة يمكن تداركها لكونها لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء التي تم خرقها ويبلغ بذلك كلا من السلطة الإدارية المحلية ورئيس المجلس الجماعي ومدير الوكالة الحضرية.
أما إذا كانت المخالفة المرتكبة خطيرة فإن السلطة الإدارية المحلية تقوم بإصدار أمر بإنهاء الأشغال المخالفة، إذا لوحظ عند انتهاء الأجل المشار اليه في الفقرة الأولى أعلاه أن المخالف لم ينفذ الأوامر المبلغة إليه .
ويبلغ الأمر بالهدم إلى المخالف ويحدد فيه الأجل المضروب له لإنجاز أشغال الهدم ، وإذا لم ينجز الهدم في الأجل المضروب لذلك تولت لجنة إدارية[17]القيام بذلك داخل أجل لا يتعدى 48 ساعة ، وعلى نفقة المخالف.
الفقرة الأولى: مسطرة ضبط المخالفات وفق قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات وتقسيم
يعتبر قانون رقم 25.90المتعلق بتنظيم التجزئات العقارية والمجموعات السكنية، وكما هو معلوم بالنسبة لمخالفات التعمير في هذا الميدان تجري عليها نفس مسطرة المعاينة المطبقة في قانون 12.90، إذ أنه في حالة ضبط المخالفة من لدن العون المكلف فإنه يحرر محضرا بذلك، وتوجه الإدارة المعاينة محضر إلى كل من السلطة الإدارية المحلية إلى رئيس المجلس الجماعي ومديرالوكالة الحضرية كما ترسل نسخة من هذا المحضر إلى المخالف حسب مقتضيات المادة 2/63 من القانون 66.12.[18]
و دراستنا لمقتضيات المادة63/3من القانون 66.12 نجدها تنص على أن"... مباشرة بعد معاينة المخالف أمرا بإيقاف الأشغال في الحال، إذا كانت أشغال التجهيز والبناء مازالت في طور الإنجاز ... إذا لم ينفذ المخالف الأمر المبلغ إليه بإيقاف الأشغال في الحال يمكن للمراقب حجز المعدات والأدوات ومواد البناء، وكذا إغلاق الورشووضع الأختام عليه ويحرر محضرا تفصيليا بذلك يوجه إلى وكيل الملك،
يمكن للمراقب أيضا أن يعين المخالف حارسا على الأشياء أو يأمر بنقلها إلى مستودع خاص.[19]
ويعتبر هذا الإجراء الأخير والمتعلق باعتبار المخالف حارسا على الأشياء المحجوزة، وفي حالة عدم وجود أي إمكانية لذلك أن يأمر بنقلها إلى مستودع خاص، يعتبر من الخصوصيات التي تتميز بها مسطرة ضبط المخالفات في مجال التجزئات العقارية والمجموعات الكنسة وتقسيم العقارات.
بالإضافة لذلك يمكن للمخالف أن يطلب من الجهة القضائية المختصة إعادة فتح الورش ورفع الحج عن المعدات والأدوات ومواد البناء سواء في حالة تسوية المخالف أو في حالة صدور القرارمن المحكمة الإدارية بإلغاء الإجراءات الصادرة في حق المعني بالأمر.
عند صدور المراقب الذي عاين المخالفة أمرا إلى المخالف باتخاذ التدابير اللازمة لإنهاء المخالفة في أجل لا يمكن أن يقل عن 10 أيام ولا يتجاوز شهرا واحد إذا كانت الأفعال المكونة للمخالفة يمكن تداركها لكونها لا تمثل إخلالا خطيرا بضوابط التعمير والبناء التي تم خرقها ويبلغ بذلك كلا من السلطة الإدارية المحلية ورئيس المجلس الجماعي ومدير الوكالة الحضرية.[20]
أما إذا كانت المخالفة المرتكبة خطيرة فإن السلطة الإدارية المحلية تقوم بإصدار أمر بإنهاء الأشغال أو الأبنية المخالفة، إذا لوحظ عند انتهاء الأجل المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه أن المخالف لم ينفذ الأوامر المبلغة إليه.
ويبلغ الأمر بالهدم إلى المخالف ويحدد فيه الأجل المضروب له بإنجاز أشغال الهدم وإذا لم ينجر الهدم في الأجل المضروب له، تتولى اللجنة الإدارية القيام بذلك داخل الأجل 48 ساعة وعلى نفقة المخالف.
.وبالتالي نجد أن المشرع قد حدد الجهات التي منحها حق إيقاف الأشغال في مجال تجهيز العقارات و المتمثلة في :
ـــــ والي الجهة أو عامل العمالة أو الإقليم أو من يمثله بصفته رئيسا
ــــــ رئيس المجلس الجماعي أو من يمثله.
و تجدر الإشارة إلى أنه لا بد من منح أجل للمخالف من أجل تنفيذ الأشغال المأمور بتحقيقها كما تنص على ذلك مقتضيات المادة 63/4 من القانون رقم 66.12.
والجدير بالذكر أن السلطات الإدارية لا تتدخل مباشرة بالهدم أو بإيقاف الأشغال إلا في حالة تجهيز التجزئات العقارية أو في حالة إقامة مجموعة سكنية أو أكثر دون إذن مسبق[21].وهذا واضح من مقتضيات المادة 63/4 من نفس القانون.
فبالرغم من إيقاف الأشغال أو الهدم فإن مرتكب المخالفة لن يسلم من تحريك المتابعة ضده، كما تصت على ذلك مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 63/5 من القانون 66.12[22].
وأخيرا وعلاقة بنطاق تطبيق قانون 66.12 على مستوى التجزئات العقارية، سنقوم بتلخيص لأهم المستجدات التي جاء بها المشرع المغربي في هذا الإطار حماية منه لهذا المجال المهم وضبط التجزئات العقاريةغير المؤهلة قانونا لاستيعاب حاجة الفرد في السكن أو غير ذلك كما هو مبين في المادة الأولى من هذا القانون و التي تتلخص فيما يلي:
*الرفع من مهنية القطاع بتعزيز صلاحيات مختلف أصناف المهنيين في المراقبة التقنية وكذا مراقبة معايير الجودة، بغرض حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم.
*اعتماد دفتر للورش وتعزيز عملية تتبع الأوراش المرخصة بإلزام رئيس المجلس الجماعي بتوجيه نسخ من الرخص والأذون والشواهد الممنوحة إلى السلطة الإدارية المحلية.
*تنظيم تدابير افتتاحوإغلاق الأوراش وغرض إلزامية فتح ومسك دفتر للورش بتضمين جميع المعلومات والبيانات التي من شأنها تمكين المهنيين على الخصوص من ضمان وتتبع ومراقبة هذه الأوراش.
*تعزيز المشروع للجانب الردعي للعقوبات من خلال إقرار عقوبات سالبة للحرية
تتجلى في الحالات التالية:
-1 إحداث تجزئات عقارية أو مجموعات سكنية في منطقة غير مسموح بها بموجب الأنظمة والقوانين الجاري بها العمل؛
-2 في حالة البيع أو الإيجار أو قسمة أو عرض ذلك للبيع أو الإيجار لبقع من تجزئة، أو مسكن من مجموعة سكنية، إذا كانت التجزئة أو المجموعة السكنية لم يرخص في إحداثهما أو لم تكونا محل تسلم مؤقت للأشغال، وهو مايعرفبالتجزيئالسري؛
-3في حالة العود من جديد؛
*الرفع من قيمة الغرامات المعمول بها في القوانين الجاري بها العمل.
*اعتماد عقوبة الهدم كعقوبة ردعية وسيطة بين العقوبات المالية والعقوبات السالبة للحرية.
*تقنين عملية هدم البناء القانوني بإحداث لجنة إدارية مكلفة بالهدم وتنظيم مسطرة خاصة بذلك.
وهكذا فإنه يمكن اعتبار قانون 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، يعتبر إضافة مهمة لمجال التعمير وضبط مجاله وكذا الحد من خروقات البناء التي تمس بأحكام قانون 12.90 المتعلق بالتعمير وقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعة السكنية وتقسيم العقارات، خاصة ما يعرفه هذا المجال من خطورة على حياة الأفراد والمتعاملين.
وهذا ما دفعنا إلى أن نتطرق أولا للطبيعة القانونية لمخالفات التعمير وتحديد خصوصياتها، ثم لنوضح المسطرة التي يتم بها ضبط هذه المخالفات والإجراءات المتخذة في ذلك، على أن نخصصالقراءة الثانية لأهم المستجدات الأخرى التي جاء بها قانون 66.12 والمميزات القانونية التي يتميز بها فيما يتعلق بمجال التعمير والبناء.
الله ولي التوفيق
[1]- ظهير رقم 1.59.413 الصادر في 26 نونبر 1962 يقضي بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، منشور بالجريدة الرسمية في 5 يونيو 1963.
[2]- ظهير رقم 1.02.255 صادر في 3 اكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم 01.22 المتعلق بالمسطرة الجنائية، منشور بالجريدة الرسمية في 30 يناير 2003.
[3]- أسامة بلعمرية، النظام الزجري في ميدان التعمير والتجزئات العقارية، دراسة في ضوء القانون 12.90 المتعلق بالتعمير و25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية وتقسيم العقارات، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، 2013/2014، ص 34.
[4]- الشريف البقالي، شرطة التعمير بين القانون والممارسة، دراسة عملية ونقدية على ضوء اجتهاد القضاء الإداري، مطبعة دار القلم، الطبعة الألى 2012، ص 358.
[5]- نور الدين العسري، المقتضى الزجري في تشريع التعمير والتجزئات أية حماية للمجال الحضري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق أكدال، 2002_2003، ص 22.
[6]- حكم المحكمة الابتدائية بفاس صادر بتاريخ 08/03/2009 في الملف الجنحيالتلبسي عدد 90/10834 أورده نور الدين العسري، المقتضى الزجري في تشريع التعمير والتجزئات العقارية أي حماية للمجال الحضري، م.س، ص 23.
[9]- حول افتراض القصد الجنائي في جرائم التعمير، أنظر محمد المنجي، جرائم المباني، توزيع منشأ المعارف بالإسكندرية.
[11]- الشريف البقالي، شرطة التعمير بين القانون والممارسة، دراسة عملية ونقدية على ضوء اجتهاد القضاء الإداري، مطبعة دار القلم، الطبعة الألى 2012، ص 363.
[14]ــ زهور أبو الخير اختصاص القضاء في حل منازعات التعمير رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعيةأكدال، الرباط ، السنة 2003 – 2004.
[15]ــ زهور أبو الخير، اختصاص القضاء في حل منازعات التعمير و الإسكان ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، أكدال، الرباط سنة 2003-2004، ص 11 .