مخاطر جريمة تبييض الأموال وعقوبتها ووسائل مكافحتها – الفصل الثاني :
غسيل الأموال أصبح إحدى الظواهر الإجرامية الخطيرة التي تأتي نتيجة النشاطات الإجرامية الهدامة ، وبهدف من وراء غسيل الأموال إخفاء معالم النشاطات الإجرامية المرتبطة بها ، مثل تجارة المخدرات وعمليات الاختلاس وصفقات بيع السلاح غير المشروعة القائمة على استخدام النفوذ والسلطة والرشوة ، وعمليات التزييف والتزوير باستخدام أنظمة الحاسب الآلي ،
حيث أصبحت تشكل خطرا حقيقيا يداهم الاقتصاد القوية، ويعمل مرتكب جريمة تبييض الأموال عبر سلسلة من المؤسسات المالية لإخفاء أصول ملكية هذه الأموال ليتمكن من استخدامها بحرية، مما ينتج عمه إضعاف قدرات هذه الاقتصاديات القوية ومن ثم العمل على تفكيكها بعد أن يتم إكساب هذه الأموال صفة الشرعية ويتم تحويلها إلى أيدي مجموعات معينة تحتكر هذه الأموال وتبدأ بالتحكم بحركة الاقتصاد في هذه الدول الشيء الذي يؤثر على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لهذه الدول ؛ وبالتالي على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الدول النامية ومنها العربية، وأيضا الدول المتقدمة الأمر الذي يتطلب من حكومات هذه الدول بذل الجهود للحد من تنامي هدا النوع من الجرائم وسن القوانين الرادعة للحيلولة دون تعرض الاقتصاد المحلي لهزات وانتكاسات مفاجئة وقد خطت العديد من الدول خطوات هامة في هذا المجال، فقد سنت القوانين التي تنص صراحة على تجريم ظاهرة غسيل الأموال ومعاقبة مرتكبها بالسجن ومصادرة أموالهم وتغريمهم بمبالغ كبيرة،
كدولة الإمارات العربية ومملكة البحرين ، وأمريكا وفرنسا ، ولبنان ومصر والأردن ، ولا يقف الأمر عند مجرد تطبيق عقوبات فردية على الأشخاص بل يتجاوزه إلى التهديد باستخدام عقوبات اقتصادية على الدولة التي تسمح بعمليات غسيل الأموال ، كتجميد أرصدتها أو فرض قيود على وارداتها أو صادراتها أو الاستثمارات فيها .
وفي ظل التحول الاقتصادي الذي تشهده الدول العربية من الاقتصاد المركزي المخطط إلى اقتصاد السوق وفي ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تنهجها معظم الدول العربية فإن سن القوانين الرادعة يقي اقتصاديات هذه الدول من حدوث أية انتكاسات يمكن أن تنشأ من لجوء غاسلي الأموال إلى استغلال التغيير الحاصل في البنية الاقتصادية والاجتماعية في الدول للقيام بعملياتهم وهو ما يتطلب إحداث جهاز رقابي دولي على مستوى عالي من الخبرة والمهارة، التعاون مع المنظمات الدولية تهيئة الأمم المتحدة وفريق العمل المالي لمكافحة عمليات غسيل الأموال والمشاركة في الجهود الدولية.
هكذا سنلقي الضوء في هذا الفصل على المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لظاهرة غسيل الأموال (كمطلب أول ) ثم العقوبة المقررة لهذه الجريمة (كمبحث ثاني ) وأخيرا وسائل مكافحتها والجهود الدولية والداخلية المبذولة لمحاربة هذه الظاهرة ( المبحث الثالث ) .
____________________________
– الاقتصاد السعودي : مجلس الشورى يدرس آلية محاربتها، غسيل الأموال خطر يهدد اقتصاديات العالم . أنظر الموقع على الشبكة القانونية العربية:
http://www.alyaum.com/issue/print.php?IN=10944&I=81889
– http://www.arablaw.org/arab/20 % Net.htm