تلخيص مادة قانون الميزانية إضغط على الرابط أدناه للتحميل
رابط تحميل الملخص أسفل الموضوع
أنظر أيضا امتحان مصحح لقانون الميزانية
أجب عن السؤال التالي:
حدود المراقبة السياسية السابقة ؟
التصميم ضروري وفي بداية ورقة التحرير .
المقدمة:
بعد تحضير وإعداد مشروع القانون المالي، والمصادقة عليه في مج
لسي الحكومة والوزراء، الذي يرأسهما على التوالي رئيس الحكومة والملك، يصبح جاهزا لعرضه على قبة البرلمان، لاعتماده من لدن نواب الأمة ومستشاريها، ويعتبر هذا المشروع من أهم مشاريع القوانين التي تعرض على الهيئة التشريعية، نظرا لأهمية التخصيصات والأعباء التي تحددها الحكومة، والتي لها دور كبير في رهن مستقبل الأمة لفترة قد تزيد عن سنة، لذا فعملية اعتماد مشروع القانون المالي، تعتبر من أهم الأحداث السياسية التي يعرفها الوطن، لما لها من انعكاسات على جميع المجالات، اقتصادية، واجتماعية، وسياسية.
وعملية الاعتماد و المصادقة على مشروع قانون المالية، هي عبارة عن إذن للسماح للحكومة بمباشرة الإنفاق و تنفيذ التزاماتها، كما أنها إذن في جباية إيرادات الدولة، لذلك لا بد من صدور قانون لكل ميزانية في كل سنة جديدة، فهذا القانون هو الذي يفرض على السلطة التنفيذية ضرورة الالتزام بعدم تجاوز ما هو محدد في سقف معين للإنفاق، إلا بعد موافقة السلطة التشريعية مجددا، بهدف إعطاء رقابة فعالة للبرلمان على احترام ميزانية الدولة (قانون المالية التعديلي). ولهذا لا يجوز بعد المصادقة عليها، إجراء أي تعديل أو إلغاء أو إضافة لمحتويات الميزانية إلا بموافقة البرلمان. وعملية المصادقة تعتبر مراقبة سياسية سابقة على تنفيذ المال العام، وهذاما يعطيها أهمية قصوى داخل دواليب تدبير الشأن العام. لكن السؤال المطروح في هذا الإطار هو: مدى فعالية هذه المراقبة؟ أو مدى محدوديتها في حراسة المال العام ووقايته من الاختلاس؟
ولبسط عناصر الإشكال الذي بين أيدينا، سنتناول الإجابة في عنصرين:
– المراقبة السياسية السابقة للبرلمان للمال العام.
– حدود المراقبة السياسية السابقة.
– الخاتمة.
المبحث الأول: المراقبة السياسية السابقة للبرلمان للمال العام.إن عملية الاعتماد والمصادقة على مشروع القانون المالي، تدخل في دائرة اختصاص السلطة التشريعية، وهذا ما صار عليه المشرع المغربي، فالفصل 75 من الدستور أكد على أنه: “يصدر قانون المالية، الذي يصدر بالأسبقية لدى مجلس النواب، من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي، ويحدد هذا القانون التنظيمي طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات والضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية.” و المقصود بالقانون التنظيمي القانون رقم 13-130، والذي حددت فيه السلطة صاحبة الاختصاص شروط مناقشة و تحضير المشروع.
المطلب الأول : مدة المناقشة و المصادقة:
حسب المادة 48 من القانون التنظيمي للمالية المشار إليه أعلاه، يودع مشروع قانون المالية للسنة بالأسبقية بمكتب مجلس النواب في 20 أكتوبر من السنة المالية الجارية على أبعد تقدير. ويرفق بالوثائق التالية:
1- مذكرة تقديم لمشروع قانون المالية والتي تتضمن معطيات حول استثمارات الميزانية العامة وحول الآثار المالية والاقتصادية للمقتضيات الضريبية والجمركية المقترحة؛
2- التقرير الاقتصادي والمالي؛
3- تقرير حول المؤسسات العمومية والمقاولات العمومية؛
4- تقرير حول مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة؛
5- تقرير حول الحسابات الخصوصية للخزينة؛
6- تقرير حول النفقات الجبائية؛
7- تقرير حول الدين العمومي؛
8- تقرير حول الميزانية القائمة على النتائج من منظور النوع؛
9- تقرير حول الموارد البشرية؛
10- تقرير حول المقاصة؛
11- مذكرة حول النفقات المتعلقة بالتكاليف المشتركة؛
12- تقرير حول العقار العمومي المعبأ للاستثمار؛
13- مذكرة حول التوزيع الجهوي للاستثمار.
و يمكن أن يرفق مشروع قانون المالية للسنة بتقرير حول الحسابات المجمعة للقطاع العمومي.
يحال المشروع في الحين إلى اللجنة المكلفة بالمالية بمجلس النواب قصد دراسته. وتقدم للجان البرلمانية المعنية، قصد الإخبار، رفقة مشاريع ميزانيات القطاعات الوزارية أو المؤسسات، البرمجة متعددة السنوات لهذه القطاعات الوزارية أو المؤسسات، وكذا للمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية الخاضعة لوصايتها والمستفيدة من موارد مرصدة أو إعانات من الدولة.
و تعتبر اللجنة المكلفة بالمالية من أهم اللجان البرلمانية، فانطلاقا من القانون المالية تبين الخطوط العريضة للسياسة العامة للدولة، و يمثل كل حزب داخل اللجنة بنسبة عدد نوابه و مستشاريه داخل قبة البرلمان، وغالبا ما يتم اختيار هؤلاء حسب خبرتهم في المجال المالي و الاقتصادي، حتى تستطيع اللجنة القيام بمسؤولياتها على أحسن ما يرام.
و خلال دراستها لمشروع القانون المالي، يمكن للجنة المالية أن تطلب من مختلف المسؤولين معلومات إضافية تتعلق بالمشروع المقدم لها، كما بإمكانها استدعاء الوزراء أو من ينوب عنهم لتفسير و تبرير تقديراتهم، و هذا ما أكدته المادة 102 من الدستور المغربي ل2011، وبعد ذلك تبدي اللجنة رأيها في المشروع، فأما أن تقبله، أو تعدله، أو ترفضه في تقرير يوزع على أعضاء البرلمان، و غالبا ما تقبل اللجنة المشروع لأنها مشكلة من أغلبية البرلمان التي تنبثق عنها الحكومة، ونصيب المعارضة يكون فيها دائما ضعيفا، وكذلك الشأن بالنسبة للمصادقة برمتها. ولا يبقى للمعارضة إلا اللجوء إلى القضاء الدستوري، أو إلى تحكيم الملك، الذي يبقى له الفصل والقول في أهم القضايا الشائكة الوطنية، ويستمد الملك الدستوري هذا الامتياز من الفصل 42 من الدستور، الذي يجعل منه أميرا للمؤمنين و ممثلا أسمى للأمة.
المطلب الثاني: مراحل تبني المشروع:
حسب المادة 49 من قانون التنظيمي للمالية رقم 13-130 المشار إليه سابقا، يبت مجلس النواب في مشروع قانون المالية للسنة داخل أجل ثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ إيداعه.
تعرض الحكومة، فور التصويت على المشروع أو عند انصرام الأجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة، على مجلس المستشارين النص الذي تم إقراره أو النص الذي قدمته في أول الأمر، مدخلة عليه إن اقتضى الحال، التعديلات المصوت عليها في مجلس النواب، والمقبولة من طرف الحكومة.
يبت مجلس المستشارين في المشروع داخل أجل اثنين وعشرين (22) يوما الموالية لعرضه عليه.
يقوم مجلس النواب بدراسة التعديلات المصوت عليها من طرف مجلس المستشارين، ويعود لمجلس النواب البت النهائي في مشروع قانون المالية في أجل لا يتعدى ستة (6) أيام.
من خلال النص، يتضح بجلاء الامتياز الكبير الذي يحظى بها مجلس النواب داخل البرلمان، والذي يبقى له القول والفصل في المسائل المتنازع عليها، وهذا ما يضعف سلطة المجلس الثاني، والذي جعل منه المشرع مقررا ثانويا في أمور تعد من اختصاصه، خاصة وأنه يتألف من شخصيات منتخبة من عالم الأعمال و التجارة و ممثلي المهن المختلفة، وهذه الفئات المفروض أن تعطى لها الأولية في المجال المالي، أو على الأقل التمتع بنفس الامتيازات الذي تحظى به الغرفة الأولى.
المطلب الثالث: مسطرة التصويت:
لا يجوز في أي من مجلس البرلمان عرض الجزء الثاني من مشروع قانون المالية للسنة للتصويت قبل التصويت على الجزء الأول. وفي حالة التصويت بالرفض على هذا الأخير، لا يمكن عرض الجزء الثاني على التصويت، ويعتبر رفض الجزء الأول من قبل أحد مجلسي البرلمان رفضا للمشروع برمته من قبل نفس المجلس.
إذا وقع رفض المشروع من قبل مجلس المستشارين تحال إلى مجلس النواب -في إطار القراءة الثانية- الصيغة التي صوت عليها مجلس المستشارين بالرفض، للبت فيها.
و يصوت على أحكام قانون المالية مادة فمادة، غير أنه يمكن لأحد مجلسي البرلمان إجراء تصويت إجمالي على الجزء الثاني بطلب من الحكومة أو من مكتب المجلس.
ويجري في شأن تقديرات المداخيل تصويت إجمالي، فيما يخص الميزانية العامة وميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، وتصويت عن كل صنف من أصناف الحسابات الخصوصية للخزينة.
كما يجري في شأن نفقات الميزانية العامة تصويت عن كل باب، وعن كل فصل داخل نفس الباب. وفيما يخص نفقات ميزانيات مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، يجري تصويت إجمالي بحسب القطاع الوزاري أو المؤسسة التابعة لها هذه المرافق. ثم يصوت على نفقات الحسابات الخصوصية للخزينة بحسب كل صنف من أصناف هذه الحسابات.
المبحث الثاني: حدود المراقبة السياسية السابقة.
تعتبر السلطة التشريعية من أهم الهيئات الرقابية داخل هرم الدولة، على اعتبار انها تستمد شرعيتها من صناديق الاقتراع، لذلك منحها المشرع صلاحيات متعددة لإحكام قبضتها على مراقبة المال العام.
و رغم السلطات التي يتمتع بها البرلمان في مجال مراقبة إدارة المال العمومي بصفته المراقب السياسي لها، والمعترف له بها بنص الدستور، فإنه عمليا يمكن للحكومة أن تتجاوز سلطاته لإجباره على التصويت، حفاظا على السير العادي للمصالح العامة.
المطلب الأول :إكراهات الحيز الزمني :
وإذا لم يتم في 31 ديسمبر التصويت على قانون مالية السنة، أو لم يصدر الأمر بتنفيذه بسبب إحالته إلى المحكمة الدستورية، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها، على أساس ما هو مقترح بالميزانية المعروضة على الموافقة. ويسترسل العمل في هذه الحالة باستخلاص المداخيل طبقا للأحكام التشريعية والتنظيمية الجارية عليها، باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية، أما المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها فتستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح. وتدرج في مرسوم الأحكام المتعلقة بالمداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية، وكذا المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدراها. ينتهي العمل بالمرسومين المذكورين فور دخول قانون المالية حيز التنفيذ.
من خلال ما سبق، يظهر بأن الحكومة لها كامل الصلاحية في تجاوز سلطات البرلمان في المصادقة، و السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الإطار هو: ما الغرض من هذه المصادقة أو المراقبة السياسية، مادام للسلطة التنفيذية كافة الوسائل القانونية التي تخول لها تنفيذ برنامجها؟ ورغم ذلك فإضعاف سلطة البرلمان له ما يبرره، فإذا كان البعض يعتبر ذلك حيفا و تجاوزا لسلطة لا يمكن بأي وجه من الوجوه أن تكون ضعيفة، لأنها الممثلة المباشرة للأمة، فإن البعض الآخر برر ذلك بأن واضعي الدستور، أرادوا أن يتجنبوا اختلاف وجهات النظر و الإيديولوجيات و المصالح داخل البرلمان، والتي بإمكانها أن تؤثر على المصلحة العامة، التي هي أكثر التصاقا بالمجال المالي، لأن الصراع بخصوص القانون المالي، إذا ما احتدم سيؤثر على العمل الحكومي، كما حدث ذلك عدة مرات في الجمهوريتين الثالثة و الرابعة بفرنسا، مما خلق اضطرابا في الحياة السياسية، وهذا ما حدا بواضعي دستور فرنسا لسنة 1958 إلى محاولة تفادي هذه المعضلة، وذلك بإعادة توزيع الصلاحيات المالية بين البرلمان من جهة، وبين الحكومة من جهة أخرى، وهذا ما جعل هذه الأخيرة تهيمن في المجال المالي، حيث تفوض الحكومة بالصرف شهريا خلال هذه الفترة بمقدار 12/1 من الميزانية السابقة أو الميزانية التي تم إعدادها، ولم تعتمد بعد( أي مشروع الميزانية).
و في ألمانيا، تمنح الحكومة تفويضا عاما للقيام بجميع المصروفات اللازمة لتسيير الأعمال الضرورية للوفاء بالتزامات القطاع العام، وإذا كانت الإيرادات المتوفرة لا تكفي لتغطية هذه المصروفات، يجوز للحكومة الحصول على بقية الإيرادات بواسطة القروض، بشرط ألا تتعدى ربع مبلغ الميزانية السابقة.
و في الولايات المتحدة الأمريكية يعمل بالميزانية القديمة، بمعنى أنه يسمح للوزارات و المصالح بالصرف في حدود مبالغ و معدلات الإنفاق التي استخدمت في العام الماضي.
و في بريطانيا يستخدم نظام الاعتمادات الجزئية، حيث يوافق مجلس العموم على اعتمادات جزئية للصرف منها، إلى حين الانتهاء من مناقشة الميزانية و اعتمادها.
المطلب الثاني : مدى حق الاقتراح و التعديل:
رغم أن المشرع نص على العديد من الاختصاصات والصلاحيات لصالح السلطة التشريعية، والتي من المفروض أن تخول له إجراء مراقبة صارمة على المال العام، إلا أنه على المستوى العملي نجد جملة من الحدود تعوق عمل البرلمان، وتحوله إلى مجرد آلة للتصويت والمصادقة، والتي تتضح بجلاء من خلال مضمون الاقتراحات و التعديلات المخولة للبرلمان، وفي الفترة المخصصة للبرلمان لإجراء هذه الرقابة السياسية السابقة على تنفيذ الميزانية.
الفقرة الأولى: مضمون الاقتراحات والتعديلات:
طبقا للفقرة 2 من الفصل 77 من الدستور، للحكومة أن ترفض، بعد بيان الأسباب، المواد الإضافية أو التعديلات الرامية إما إلى تخفيض الموارد العمومية، وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود.
يمكن داخل نفس الفصل، إدخال مواد إضافية أو تعديلات مبررة، ومصحوبة بالتقويمات الضرورية لأهداف ومؤشرات البرامج المعنية، والتي من شأنها الزيادة أو التخفيض في الاعتمادات المتعلقة ببرنامج معين، وذلك في حدود الاعتمادات المفتوحة برسم هذا الفصل، على أن ترفض التعديلات المخالفة لأحكام القانون التنظيمي. وفيما عدا ذلك يجب أن يتم تبرير كل مادة إضافية أو كل تعديل.
ورغم أن دستور2011 في مادته 77، أجبر الحكومة بتوضيح أسباب الرفض للسلطة التشريعية ، فيظهر بأن هذه الأخيرة ما زالت قاصرة عن تخفيف الأعباء المالية لمنتخبيها، كما أنها لا يمكنها أن تفرض على الحكومة بعض التكاليف التي من شأنها دعم المصلحة العامة، رغم أن هذه السلطة من اختصاصها إبلاغ السلطة التنفيذية بحاجيات السكان، خصوصا في المجال الاجتماعي، ويبرر مناصرو هذا الامتياز الذي تحظى به الحكومة، بأنه في حالة إطلاق العنان للسلطة التشريعية ستعمد إلى تبذير المال العام عن طريق الرفع من النفقات، خصوصا الاجتماعية منها، و التقليص من الموارد العمومية، أي خفض الضرائب و إلغاء الرسوم بتكريس مبدأ المجانية في المرفق العام، وذلك لإرضاء رغبات الناخبين، خصوصا عند اقتراب الانتخابات، وبعبارة أخرى تحول السياسة المالية للدولة إلى حملة انتخابية دائمة، تستغلها الأغلبية البرلمانية لإعادة انتخابها في كل ولاية تشريعية.
الفقرة الثانية: على مستوى الحيز الزمني:
أشارت المادة 83 من الدستور إلى أنه على أعضاء البرلمان أن يتقدموا بكل مقترحاتهم و تعديلاتهم إلى اللجان البرلمانية المختصة، عندما تكون هذه اللجان بصدد دراسة و مناقشة مشروع قانون المالية، لأنه بعد افتتاح المناقشة البرلمانية العامة يمكن للحكومة أن تعارض في البث في كل اقتراح أو تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة المالية. وإذا كان هذا القيد من شأنه أن يعقلن العمل البرلماني، ويوضح العلاقة بين البرلمان و الحكومة، وذلك بغية تفادي العشوائية و سوء التنظيم أثناء المناقشة العامة، فما يمكن قوله بالنسبة لحق نواب و مستشاري الأمة في طرح بعض الاقتراحات و التعديلات تتعلق بمستجدات ظهرت على الواقع الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، بعد طرح مشروع قانون المالية على اللجان؟ خصوصا إذا علمنا بأن السلطة التشريعية في بعض الحالات لا تتمكن من أخذ المدة القانونية المخولة لها لافتحاص المشروع، بسبب تأخر الحكومة في تقديمه، لذلك فمسألة تعديل المادة 83 من الدستور أصبحت ضرورة ملحة، وذلك بتضمينها باستثناءات تتطابق و التطورات الداخلية و الخارجية التي أصبحت تعرفها الساحة الوطنية و الدولية من حين لآخر، فقد تطرأ بعض الأحداث الطارئة يصبح من خلالها حق السلطة التشريعية لفت انتباه الحكومة إلى بعض الحلول والمقترحات، ولو لم تطرح على اللجن البرلمانية، في الفترة المحددة قانونا، فالاتجاه الذي تسير عليه جميع الدول ذات الترسانة القانونية المتطورة، هو التخفيف من القواعد القانونية، وجعلها أكثر مرونة و ذات قدرة لا متناهية على استيعاب مستجدات الواقع و تطوراته.
المطلب الثالث: امتيازات الحكومة أثناء المصادقة:
عمليا السلطة التنفيذية تخضع للسلطة التشريعية، التي تراقب أعمالها عبر العديد من الميكانيزمات نص عليها صراحة دستور المملكة، لكن واقع توازن السلطتين يرجح كفة الحكومة، فنجد ثلاثة آليات يخولها لها الدستور لتجاوز وإجبار البرلمان على تبني مشروع القانون المالي.
الفقرة الأولى: الحكومة و تقديم المشروع في الوقت القانوني:
رغم إن المادة 48 من القانون التنظيمي للمالية تنص على أنه: ” يودع مشروع قانون المالية للسنة بالأسبقية بمكتب مجلس النواب في 20 أكتوبر من السنة المالية الجارية على أبعد تقدير. “، فإنه على الصعيد العملي ليس هناك أي نص قانوني يجبر السلطة التنفيذية على الالتزام بالموعد المشار إليه، كما ليس هناك أي نص قانوني يمدد هذه المدة إذا تبث تأخر الحكومة في تقديم المشروع، وذلك حتى يستفيد البرلمان من المدة المخصصة له قانونا، لذلك فما يبقى على البرلمان إلا الإسراع في دراسة المشروع، لكي لا تستغل الحكومة هذا الفراغ القانوني، وتعمد إلى استغلال حقها في التنفيذ المؤقت لبرنامجها، وهذا ما أشارت إليه المادة 50 من القانون التنظيمي للمالية.وكان ينتظر من تعديل القانون التنظيمي للمالية أن يسد هذا الفراغ، بالتنصيص على مادة تجبر الحكومة على التقيد بالآجال القانوني لتقديم المشروع الصعب المقرؤية ومتعدد الأجزاء، وكان بالأحرى إدماجه في صلب الدستور، لأن هذا الإجراء من شأنه أن يحدث شيئا من التوازن بين الحكومة والبرلمان في اتخاذ القرار المالي، وأن يعطي أجلا محدودا للبرلمان للتصويت على مشروع قانون من حجم القانون المالي، لأن الوضعية الحالية فيها مس لاختصاص البرلمان، وإضعاف لسلطته في مراقبة وتمحيص المال العام.
الفقرة الثانية: حق التصويت الواحد:
مبدئيا هناك مسطرة خاصة للتصويت على المشروع، ولكن هناك إمكانية اللجوء للتصويت الواحد، فطبقا للفقرة الثانية من المادة 83 من الدستور، يبت المجلس المعروض عليه النص بتصويت واحد في النص المتناقش فيه كله أو بعضه، إذا ما طلبت الحكومة ذلك، مع الاقتصار على التعديلات المقترحة أو المقبولة من قبلها، وبإمكان المجلس المعني بالأمر أن يعترض على هذه المسطرة بأغلبية اعضائه .
الفقرة الثالثة: التصويت بمنح الثقة:
فطبقا للمادة 103 من الدستور، يمكن لرئيس الحكومة أن يطلب التصويت بمنح الثقة بصريح نص الدستور فقط من مجلس النواب، وهذا معناه أن الرئيس يربط لدى مجلس النواب تحمل الحكومة مسؤولياتها، بتصويت على تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة أو على نص يطلب الموافقة عليه. ولا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة، ويؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية. و هذه الإمكانية تعرفها الحياة السياسية في فرنسا من حين لآخر، لكن بالمغرب لم يتم اللجوء إليها لأسباب متعددة، منها ظاهرة غياب النواب ، وكذلك أغلبية البرلمان التي توجد في الحكومة. وبالنسبة لظاهرة الغياب فنأمل من القوانين الداخلية للبرلمان أن تعالج هذه المسألة، حيث إن بعض الدول تعمل على فرض غرامة على البرلمانيين المتغيبين، وهي على شكل التقليص من التعويضات، لأن في الحالة التي يصرح فيها البرلماني أنه مشغول، فهو إذن يصرح بأنه غير أهل لتسيير شؤون الأمة.